الإتحاد الأوروبي« لحظة الحقيقة » صادر عن قسم النزاهة والتحقيقات بمنظمة الأمن العالمية لمكافحة الفساد والجريمة (OMSAC)
- omsac actualités
- il y a 4 minutes
- 24 min de lecture

في عالم تزعزعه الأزمات والحروب واللامساواة واستنزاف الشعوب معنوياً، أصبح من الضروري طرح الأسئلة الصحيحة. فالإتحاد الأوروبي، الذي يقدم نفسه منذ عقود كنموذج للديمقراطية والقانون والسلام والتضامن، يستحق اليوم أن يُحاكم لا على أساس خطاباته، بل في ضوء أفعاله.
تُطلق منظمة اﻷأمن العالمية لمكافحة الفساد والجريمة (OMSAC) سلسلة حصرية من التحقيقات الصحفية لكشف الوجه الخفي لكيان سياسي واقتصادي يسعى، تحت غطاء القيم العالمية، إلى تحقيق أهداف النفوذ والهيمنة وإحداث إختلالات على الصعيد العالمي.
لسنا هنا لنُشكك في مبدأ التعاون بين الدول الأوروبية، بل نُوجه نقدنا إلى ذلك النظام الغامض، البيروقراطي، والتكنوقراطي، الذي تحكمه نخب منفصلة عن شعوبها، كثيراً ما تتورط في قضايا الضغط السياسي، والمحسوبية، بل وأحياناً الفساد واسع النطاق.
الاتحاد الأوروبي:
هش بسبب انقساماته الداخلية؛
منهك بفضائح غسيل الأموال واختلاسها؛
لا يرحم حين يتعلق الأمر بمعاقبة الدول الضعيفة؛
صامت أو متواطئ حين يتعلق الأمر بحماية شركاته العملاقة؛
متعجرف في تعامله مع دول الجنوب التي يواصل استغلال مواردها البشرية والاقتصادية والدبلوماسية.
لقد حان الوقت لنقول: كفى. كفى من التلاعب، ومن الاستعمار الجديد، ومن ازدواجية المعايير. كفى من تهميش شعوب الجنوب التي تُعامل كخدم أو كمشتبه بهم.
في هذا التحقيق، سنُعطي الكلمة للمهمشين والمنسيين وضحايا السياسات الأوروبية. سنفتح الملفات المدفونة، ونُحلل النصوص، ونُكشف عن آليات التدخل الناعم، والضغط الاقتصادي، والابتزاز القانوني.
لأن العالم قد تغيّر. وبفضل التكنولوجيا الحديثة، أصبحت الشعوب ترى وتسمع وتفهم وتتحرك. لم يعد للكذب ملاذ. ولم تعد للغطرسة نهاية آمنة. إن الشعوب تطالب بالعدالة، والإنصاف، والشفافية.
لا يزال أمام الاتحاد الأوروبي فرصة للإصلاح، ولتمديد يده، والخروج من منطقه الإمبريالي. لكن ذلك يتطلب صدمة حقيقية. هذا التحقيق هو بمثابة جرس إنذار، وهو أيضاً فعل سيادة فكرية، ومقاومة أخلاقية، ورسالة أمل.
الفصل الأول — ولادة إمبراطورية: هل الاتحاد الأوروبي مشروع ديمقراطي فعلاً؟
عندما يُذكر الاتحاد الأوروبي، تتبادر إلى الأذهان كلمات تتكرر دائماً: السلام، الازدهار، الاندماج، القيم، الديمقراطية. هذا السرد، الذي صُمم بعناية وروِّج له على مدى عقود، أصبح أشبه بالعقيدة.
حقيقة رسمية. لكن خلف صورة هذه «الفكرة الأوروبية النبيلة» تختبئ حقيقة أخرى: مشروع بدأ اقتصادياً، ثم تحوّل تدريجياً إلى سياسي، ثم إلى مشروع إمبراطوري — دون أن يُستشار فيه الشعوب فعلياً.
بناء من فوق، دون الشعوب
بدأت قصة الاتحاد الأوروبي بعد الحرب العالمية الثانية، بنوايا كانت تبدو نبيلة: ضمان السلام في القارة ومنع اندلاع الحروب مجدداً. فكانت البداية مع الجماعة الأوروبية للفحم والصلب (CECA) سنة 1951، ثم الجماعة الاقتصادية الأوروبية (CEE) سنة 1957، في خطوات نحو سوق مشترك. حتى هنا، لا اعتراض.
لكن مع بداية الثمانينيات، اتخذ المشروع منحى آخر: اندماج سياسي متسارع، متمركز في بروكسل. قرارات كبرى تُتخذ من قبل تكنوقراط غير منتخبين، ومفوضين أقوياء، مدعومين من جماعات ضغط اقتصادية ضخمة.
السؤال الجوهري: من يسيطر فعلياً على هذه أوروبا؟ المواطنون؟ أم البنوك، والشركات العملاقة، والدبلوماسيات الكبرى؟
عجز ديمقراطي بنيوي
البرلمان الأوروبي، وهو المؤسسة الوحيدة المنتخبة بالاقتراع العام، ظل لفترة طويلة مجرد هيئة استشارية. أما السلطة الحقيقية فتتمثل في المفوضية الأوروبية — هيئة غير منتخبة — هي التي تقترح القوانين، وتُفاوض بشأنها مع الدول، وتُشرف على تنفيذها.
بينما تصوّت الشعوب، تتخذ المفوضية القرارات.
يُضاف إلى ذلك المجلس الأوروبي (رؤساء الدول)، ومجلس الاتحاد الأوروبي (الوزراء القطاعيون)، ومحكمة العدل الأوروبية — كلها دوائر تُتخذ فيها قرارات كبرى غالباً دون نقاش علني حقيقي. يسود الغموض، وتتعمق الفجوة بين بروكسل والشعوب.
كذبة الاستفتاء
في عام 2005، رفض الشعبان الفرنسي والهولندي عبر الاستفتاء مشروع المعاهدة الدستورية الأوروبية. رسالتهم كانت واضحة: لا لأوروبا النخب، والأسواق، والمال.
لكن بعد عام واحد فقط، عادت المعاهدة بشكل آخر (معاهدة لشبونة) وتم اعتمادها هذه المرة من دون استفتاء شعبي. الرسالة واضحة: في أوروبا، عندما تصوّت الشعوب "بشكل خاطئ"، يتم تجاوز إرادتها.
أوروبا في خدمة الأسواق
منذ الأزمة المالية عام 2008، أظهرت أوروبا أولويتها الحقيقية: إنقاذ البنوك، فرض التقشف، سحق المعارضين.
في اليونان، أفقرت مذكرات التفاهم المفروضة من الترويكا ملايين المواطنين.
في إسبانيا، والبرتغال، وإيرلندا، دفعت أجيالٌ كاملة ثمن سياسات مفروضة من بروكسل وفرانكفورت.
أما ميثاق الاستقرار المالي، فقد حوّل الاقتصادات الوطنية إلى منفذين لأوامر القواعد الأوروبية، دون اعتبار للواقع الاجتماعي.
مشروع منفصل عن الواقع الإنساني
الاتحاد الأوروبي يتحدث كثيراً عن حقوق الإنسان، لكنه يعامل المهاجرين كتهديدات. يتحدث عن التضامن، لكنه يفرض قواعد غير متكافئة على الدول الصغيرة. يتحدث عن البيئة، لكنه يوقع اتفاقيات تجارة حرة مدمرة للبيئة.
ويتحدث أخيراً عن الديمقراطية، لكنه يرفض تنوع النماذج السياسية. لا يتسامح الاتحاد إلا مع الحكومات التي تسير في فلكه. أما الآخرون، فيُهددون، ويُعزلون، ويُعاقبون.
خلاصة: حلم مسلوب
كان يمكن للاتحاد الأوروبي أن يكون قوة أخلاقية في العالم. كان يمكن أن يُجسد رؤية تضامنية، متعددة الأقطاب، عادلة. لكن هذا الحلم سُلبته تكنوقراطية متغطرسة، ونخبة منغلقة، وجهاز بيروقراطي تحول إلى حصن.
اليوم، الشعوب تشك، وتبتعد، وتقاوم.
هذا الفصل الأول من تحقيقنا يُسلط الضوء على الولادة المشبوهة لمشروع قُدم كأنه ديمقراطي، لكنه بُني ضد إرادة الشعوب.
الفصل الثاني — اتحاد منقسم: أزمات سياسية، انقسامات داخلية، وإفلاس أخلاقي
يحرص الاتحاد الأوروبي على تقديم نفسه ككتلة موحدة، قوية، متطلعة إلى المستقبل. لكن خلف هذه الواجهة المؤسسية تختبئ حقيقة مختلفة تماماً: اتحاد هش من الداخل، منقسم حول القضايا الجوهرية، مشلول بالخلافات الأيديولوجية والوطنية، ويعاني من أزمة شرعية تتفاقم يوماً بعد يوم.
أوروبا بسرعات متعددة: فشل الوحدة
منذ توسع الاتحاد نحو الشرق عام 2004، ظهر انقسام جيوسياسي عميق:
في الغرب: دول مؤسسة تسعى للحفاظ على هيمنتها.
في الشرق: دول تزداد تمرداً على أوامر بروكسل وتعليماتها.
في الجنوب: دول تعامل كمجرد أدوات للتعديل الاقتصادي، وتُعامل كأنها في المرتبة الثانية.
لقد كشفت السياسات التقشفية، والاختلافات في المعايير المالية، والخلافات حول استقبال المهاجرين والانتقال الطاقوي، حقيقة واحدة: لا توجد "أوروبا واحدة"، بل عدة أوروبات ذات مصالح متباينة.
أزمة سياسية دائمة
بريكست: صدمة تاريخية. غادرت المملكة المتحدة الاتحاد، متهمةً بروكسل بالاستبداد، وسلب السيادة، وازدراء إرادة الشعوب. أثبت هذا الانفصال أن الخروج من الاتحاد الأوروبي ممكن — والبقاء على قيد الحياة كذلك.
المجر وبولندا: تتعرضان بانتظام لعقوبات بسبب إصلاحات تصفها بروكسل بأنها "غير ليبرالية"، في حين أن الأمر يتعلق أيضاً بصراع أيديولوجي بين نخب غربية وشعوب ترفض النموذج الأوروبي الموحد.
إيطاليا، إسبانيا، اليونان: حكوماتها تُعاقب أو تُعزل بمجرد أن تخرج عن الخط المالي الذي تفرضه بروكسل.
في الاتحاد الأوروبي: كل اختلاف يُعتبر خطراً، وكل مقاومة تُشيطن.
أزمة اقتصادية واجتماعية خفية الحديث كثير عن "النموذج الأوروبي"، لكن الحقيقة تقول غير ذلك:
الفقر يتفاقم في دول الجنوب الأوروبي.
بطالة الشباب تسجل معدلات قياسية (أكثر من 20% في إسبانيا واليونان).
الفوارق الاجتماعية تتسع حتى في دول الشمال.
الخدمات العامة تُفكك تحت ضغط توجيهات الاتحاد الأوروبي.
يفرض الاتحاد قواعد اقتصادية صارمة (مثل ميثاق الاستقرار المالي) تمنع أي سياسة اجتماعية طموحة. يقدّس الأسواق والتجارة الحرة والمنافسة… لكن على حساب العدالة الاجتماعية.
الفضائح والفساد: العلة في قلب النظام
صورة الاتحاد ككيان "أخلاقي وشفاف" تنهار أمام الوقائع:
فضيحة "قطر غيت" (2022): نواب أوروبيون متورطون في قضايا فساد مع قطر.
اللوبيات تملأ بروكسل: أكثر من 12 ألف مجموعة ضغط مسجلة رسمياً.
تضارب المصالح داخل المفوضية الأوروبية.
غياب الشفافية في التعيينات وغياب الرقابة الديمقراطية.
وتكشف تحقيقاتنا أن العديد من الشركات متعددة الجنسيات تحصل على نصوص التشريعات الأوروبية قبل حتى أن يراها النواب المنتخبون.
هوة بين المؤسسات والشعوب
عدم ثقة المواطنين في الاتحاد الأوروبي بلغ مستويات غير مسبوقة. ورغم ذلك، يواصل الاتحاد المضي قدماً دون مراجعة حقيقية لذاته. الانتخابات الأوروبية تشهد معدلات امتناع ضخمة. أما القرارات الكبرى، فتُتخذ داخل مؤسسات لا يفهمها المواطنون ولا يستطيعون مراقبتها.
إفلاس أخلاقي
يُعلن الاتحاد الأوروبي عن دفاعه عن حقوق الإنسان، لكنه في الواقع:
يغض الطرف عن جرائم حلفائه.
يبرم صفقات مع أنظمة استبدادية حينما تخدم مصالحه.
يبرر ممارسات تمييزية ضد المهاجرين.
يستورد الغاز من دكتاتوريات بينما يهاجم أنظمة أخرى لأسباب أقل.
الخلاصة: اتحاد الواجهة
الاتحاد الأوروبي ليس فقط في أزمة، بل هو في حالة فقدان للمعنى.الشعوب تريد أوروبا اجتماعية، إنسانية، عادلة.لكن المفروض عليهم هو أوروبا تكنوقراطية، سلطوية، منقسمة، وفاسدة.
الفصل الثالث — الديكتاتورية التكنوقراطية: كيف تفرض أوروبا قوانينها على العالم
تحبّ الاتحاد الأوروبي أن يصوّر نفسه كاتحاد سلمي قائم على القانون، منفتح على الحوار والتعاون. لكن خلف هذا القناع الدبلوماسي، تنكشف استراتيجية توسعية صامتة تقوم على فرض معاييره خارج حدوده، وإملاء نماذجه الاقتصادية، وابتزاز الدول من خلال القوانين… وهي الممارسة التي يسميها البعض اليوم بـ "الاستعمار القانوني".
بروكسل، عاصمة القانون… على حساب الآخرين
بفضل وزنها الاقتصادي والتجاري، تفرض أوروبا قوانينها وقواعدها ومعاييرها على شركائها الأجانب كشرط أساسي لأي تعامل تجاري. ويشمل ذلك:
البيئة
الرقمنة
الضرائب
الزراعة والصناعات الغذائية
الأدوية
المعاملات المالية
وخاصة: اتفاقيات التجارة الحرة التي تُصاغ بنسبة 90% بلغة قانونية معقدة هدفها حماية المصالح الأوروبية، وغالباً ما تكون على حساب الدول النامية.
من يريد التعامل مع أوروبا، عليه أن يخضع. ومن يرفض، يُعاقب أو يُقصى أو يُشوّه إعلامياً. قاعدة الأقوى تتخفى في عباءة القانون
مثالان واضحان:
اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR): رغم كونها قانوناً أوروبياً، تحولت إلى معيار عالمي لأن أي شركة أجنبية ترغب في التعامل مع السوق الأوروبية مضطرة للامتثال لها — وهو ما يشكّل عائقاً أمام الشركات الصغيرة في دول الجنوب.
آلية الكربون على الحدود (CBAM): بذريعة حماية البيئة، فرض الاتحاد ضرائب على واردات بعض المنتجات، ما أضرّ بشدة بالمصدرين في إفريقيا وآسيا، دون تقديم بدائل حقيقية أو دعم حقيقي لمرحلة الانتقال البيئي.
قانون يسحق السيادة الوطنية
الدول التي تجرؤ على تحدي الهيمنة القانونية الأوروبية تتعرض مباشرةً إلى:
تهديدات بعقوبات تجارية
تخفيض تصنيفها الائتماني
حملات تشويه إعلامية
إدراجها ضمن "القوائم السوداء" الأحادية الجانب (ضرائب، غسل أموال، تمويل إرهاب…)
كل هذا دون أي مسار قانوني متعدد الأطراف أو نقاش عادل.الاتحاد الأوروبي لا يتفاوض… بل يفرض. لا يتعاون… بل يبتز.
الآلة التكنوقراطية الأوروبية: وحش بارد
تملك المفوضية الأوروبية — وهي هيئة غير منتخبة — سلطة تنظيمية هائلة. فهي تصدر مئات التوجيهات والقوانين والآراء والمعايير التقنية… وغالباً لا تُترجم ولا تُفهم، لكنها تُفرض فرضاً.
ولا أحد يعلم فعلياً:
من يكتب هذه النصوص؟
من يقرّها؟
من يراقبها؟
ومع ذلك، يُجبر الجميع — داخل أوروبا وخارجها — على تطبيقها إن أرادوا البقاء في "اللعبة الاقتصادية".
الابتزاز التنظيمي: سلاح جيوسياسي جديد
تستعمل أوروبا معاييرها كسلاح ضغط. فقد اضطرت دول إفريقية وأمريكية جنوبية وآسيوية إلى تعديل قوانينها الوطنية لتتماشى مع "متطلبات أوروبا" في مجالات مثل:
الحوكمة
التجارة
البيئة
مكافحة الفساد (حسب المعايير الأوروبية)
حقوق الإنسان (بمعايير مزدوجة)
وفي كثير من الأحيان، كانت هذه الإصلاحات مرفوضة شعبياً، أو أدت إلى إضعاف الاقتصادات المحلية لصالح الشركات الأوروبية.
نحو حرب قانونية عالمية؟
هذا النفوذ التشريعي، الذي يسميه بعض الباحثين بـ "تأثير بروكسل"، أصبح تهديداً صامتاً لكنه فعّال لدول الجنوب.يُجرّدها من حرية اختيار نماذجها التنموية ويضعها تحت وصاية غير معلنة.
قانون بلا شرعية. قوة بلا تفويض. هيمنة بلا علم.
رسالتنا : كفى نفاقاً قانونياً
تدعو منظمة OMSAC إلى تجميد كل آليات الفرض القانوني الأحادي الجانب.وندعو إلى تفاوض عادل، والاعتراف بخصوصيات الدول الناشئة، وإنهاء استخدام القانون كأداة هيمنة مقنّعة.
لأن مستقبل العالم لا يُبنى في ممرات بروكسل ولا خلف كواليس جماعات الضغط، بل على أساس الاحترام المتبادل بين أمم متساوية في الكرامة والحقوق.
الفصل الرابع — الفساد، جماعات الضغط، والفضائح:
أوروبا النخب ضد الشعوب تحرص أوروبا على تقديم نفسها كقلعة للشفافية، والأخلاق، والديمقراطية النموذجية. لكن الوقائع، والتحقيقات الصحفية، وحتى بعض الاعترافات الداخلية، تكشف عن واقع مختلف تماماً: آلة مؤسسية ينخرها الفساد، مخترقة بجماعات الضغط، ومنفصلة عن هموم المواطنين الأوروبيين الحقيقيين.
فضيحة "قطر غيت": خيانة في قلب البرلمان
في ديسمبر 2022، اهتزت أوروبا بفضيحة غير مسبوقة: تم توقيف عدد من النواب الأوروبيين، ومساعديهم البرلمانيين، وشخصيات مقربة من البرلمان، بتهمة تلقي حقائب أموال نقدية من حكومات أجنبية (منها قطر والمغرب) مقابل مواقف سياسية داعمة.
النتيجة: مداهمات لشقق فاخرة، مصادرة مئات الآلاف من اليوروهات نقداً، وانكشاف حقيقة مُرة:
حتى في قلب المؤسسات… المبادئ تُشترى وتُباع.وهذه الفضيحة ليست سوى الجزء الظاهر من جبل جليد غامض.
مؤسسات مخترقة بجماعات الضغط
في بروكسل، يوجد أكثر من 30,000 لوبي مسجل رسمياً، يعملون في نطاق بضعة كيلومترات من البرلمان والمفوضية والمجلس الأوروبي. دورهم؟
صياغة تعديلات القوانين
التأثير في المعايير التقنية
تمويل دراسات موجهة
دعم مرشحين "أصدقاء" داخل المؤسسات
إضعاف التشريعات الاجتماعية والبيئية المزعجة
ومن بين أقوى جماعات الضغط:🔹 صناعة الأدوية🔹 عمالقة التكنولوجيا (GAFAM)🔹 قطاع الزراعة والصناعات الغذائية🔹 صناعة الأسلحة🔹 مكاتب الاستشارات الأنجلوسكسونية
هذه الجماعات لا تملك أي شرعية ديمقراطية… ومع ذلك، تتحكم في جزء كبير من قرارات الاتحاد… بصمت.
التناوب بين السلطة والمصالح: المفوضون في خدمة اللوبيات
كثير من المفوضين الأوروبيين وكبار المسؤولين ينتقلون بعد انتهاء مهامهم إلى:
شركات متعددة الجنسيات كانوا مكلفين بمراقبتها
بنوك استثمارية كانوا يخدمون مصالحها
مكاتب جماعات الضغط
أمثلة معروفة:
خوسيه مانويل باروزو (رئيس المفوضية السابق) التحق ببنك غولدمان ساكس.
نيلي كروز (المفوضة السابقة للمنافسة) اتُهمت بتضارب مصالح خطير.
حين يتحول المنظم إلى مستشار… تصبح الديمقراطية مجرد وهم.
مليارات تُهدر بلا محاسبة
ينشر مكتب مكافحة الاحتيال الأوروبي (OLAF) تقارير سنوية صادمة:
إساءة استخدام أموال الدعم الزراعي
تحويل المساعدات الهيكلية
منح تمويلات لمشاريع وهمية
وفي دول مثل بلغاريا، المجر، رومانيا، مالطا وقبرص… تستغل شبكات مافيوية مؤسسية قنوات الدعم الأوروبي. وغالباً ما تغض أوروبا الطرف حفاظاً على "صورتها".
برلمان أوروبي عاجز ومهمش
على عكس البرلمانات الوطنية، لا يملك البرلمان الأوروبي حق اقتراح القوانين، ولا إسقاط المفوضية، ولا إجراء تحقيقات مستقلة. بل يكتفي بـ:
التصويت على نصوص أُعدّت مسبقاً
لعب دور غرفة تسجيل
إصدار بيانات أخلاقية بلا أثر
أما القرارات الحقيقية… فتتخذها:
مجلس الوزراء الأوروبي (خاضع لموازين القوى)
المفوضية الأوروبية (غير المنتخبة)
جماعات المصالح الاقتصادية
إنها أوروبا النخب… لا أوروبا الشعوب.
انتخابات أوروبية بلا رهانات حقيقية
كل خمس سنوات، يصوت المواطنون لاختيار نواب أوروبيين… لا يملكون فعلياً أي قدرة على إحداث تغيير جوهري. لماذا؟
القرارات الكبرى تُتخذ خلف الأبواب المغلقة
التحالفات "الوسطية" تمنع أي إصلاح جذري
النظام الانتخابي يشجع العزوف واللامبالاة
وفي المقابل، تتفاقم الفقر، وتتصاعد الفوارق الاجتماعية، وتفقد الأجيال الشابة الثقة في هذا المشروع.
لحظة الحقيقة: الاتحاد لم يعد نموذجاً
الفساد، الغموض، التواطؤ، والإفلات من العقاب… كلها أمور تسقط عن الاتحاد الأوروبي أي شرعية لوعظ الآخرين.
يجب عليه:
مواجهة حقيقته
إصلاح مؤسساته
الاستماع لشعوبه
والتوقف عن استخدام الأخلاق كأداة للهيمنة على قارات أخرى
نداء من منظمة OMSAC :
العالم لا يحتاج لمواعظ… بل لشركاء صادقين. كفى تلاعباً… كفى نفاقاً.الاتحاد الأوروبي أمام خيارين: الإصلاح… أو فقدان مصداقيته بالكامل.
الفصل الخامس — أزمات داخلية: اتحاد يترنح… وشعوب غاضبة
يحب الاتحاد الأوروبي أن يقدّم نفسه كـ"قوة استقرار" و"نموذج للتكامل". لكن خلف هذا الطلاء المؤسسي، تخفي أوروبا واقعاً أكثر قتامة: قارة تعيش توتراً دائماً، ممزقة بأزمات اجتماعية وسياسية وهوياتية تهدد بتفككها.
الانقسام الشرقي-الغربي: اتحاد مستحيل
بين عواصم الغرب (بروكسل، باريس، برلين) ودول الشرق (المجر، بولندا، سلوفاكيا، بلغاريا)، أصبحت التوترات عميقة وبنيوية:
خلافات حول القيم الديمقراطية (نزعات استبدادية في المجر، الرقابة، التعدي على حقوق الأقليات)
رفض استقبال المهاجرين من خارج أوروبا
صدامات حول قضايا مجتمعية (حقوق المثليين، حرية الصحافة، دولة القانون)
خلافات اقتصادية (نقل المصانع، المنافسة الضريبية)
تضخ أوروبا المليارات إلى دول الشرق… لكن هذه الدول ترفض الخضوع لإملاءاتها السياسية. اتحاد مالي ظاهري… وانقسام أيديولوجي فعلي.
صعود النزعات القومية ورفض بروكسل
في العديد من الدول المؤسسة للاتحاد، يتزايد نفوذ المشككين فيه:
فرنسا: القوى المعارضة للاتحاد (التجمع الوطني، فرنسا الأبية) تتصدر المشهد السياسي.
إيطاليا: ائتلافات يمينية متشددة تدير البلاد وتتحدى بروكسل.
ألمانيا: حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف يحقق مكاسب في الشرق الألماني.
عدد متزايد من المواطنين يعتبرون الاتحاد الأوروبي مصدر قيود، تقشف، وفقدان للسيادة.
غضب اجتماعي: تضخم، هشاشة، فقر طاقي
رغم وعود "الازدهار المشترك"، أصبحت أوروبا مسرحاً لتفاقم الفوارق:
تكاليف المعيشة تتصاعد في كل مكان.
السكن بات ترفاً في العواصم والمدن الكبرى.
ملايين العمال الفقراء يعانون لتأمين حياة كريمة.
أزمة الطاقة بعد حرب أوكرانيا دفعت الكثيرين إلى حافة الفقر.
أما استجابة الاتحاد؟ تدابير تكنوقراطية، بطيئة، وغير منسقة… وعاجزة عن معالجة الأزمات الحقيقية.
بيروقراطية معزولة عن الشعوب
من ستراسبورغ إلى بروكسل، تزداد صورة المؤسسات الأوروبية سوءاً… لأسباب واضحة:
خطاب تكنوقراطي لا يفهمه المواطن العادي.
قرارات تُتخذ بعيداً عن المجتمعات المحلية.
أولويات بروكسل (الميثاق الأخضر، الضرائب الرقمية، المعايير الصناعية) تبدو منفصلة عن هموم الناس.
الاتحاد الأوروبي يعاني من عجز ديمقراطي عميق… يغذيه شعور طبقات واسعة من الناس بأنها متروكة لمصيرها.
فشل السياسة الأوروبية المشتركة للهجرة
أزمة الهجرة كشفت الانقسامات الأعمق داخل الاتحاد:
دول الجنوب (إيطاليا، اليونان، إسبانيا) تُركت وحيدة لمواجهة تدفق المهاجرين.
دول الشرق ترفض مبدأ التضامن الإجباري.
اتفاقية دبلن لم تعد صالحة.
تُجرّم منظمات الإغاثة، ويُعاد المهاجرون قسراً، ويُتركون في عرض البحر.
أوروبا التي كانت توصف بأرض اللجوء… أصبحت تصدّر حدودها إلى دول تعاني أزمات (ليبيا، تونس، تركيا)، في تجاهل صارخ لحقوق الإنسان.
تفاقم الأزمات الداخلية: التوتر يعمّ القارة
كتالونيا: النزعة الانفصالية في إسبانيا بلا حل.
فلاندر ووالونيا: صراعات لغوية مستمرة في بلجيكا.
ألمانيا: اختلالات بين ولايات الشرق والغرب.
فرنسا: انقسامات اجتماعية ومناطقية عميقة.
اليونان وإيطاليا: شعوب مرهقة من الأوامر الاقتصادية القادمة من بروكسل.
الاتحاد الأوروبي ليس موحداً… بل مشتت ومفتت. وهذه التشققات تهدد وجوده.
خلاصة الفصل: نموذج يواجه أزمة شرعية
أوروبا تمر بأزمة وجودية. ليست التهديدات الخارجية هي الخطر الحقيقي… بل تناقضاتها الداخلية:
حوكمة نخب تحكم من فوق
اقتصاد يخدم الأقوياء
شعوب فقدت الثقة
قرارات تُفرض دون قبول شعبي حقيقي
تحذير من منظمة OMSAC:
الاتحاد الأوروبي لا يحق له فرض معاييره وانتقاداته على قارات أخرى ما لم يصلح بيته الداخلي.
قبل أن يتحدث عن الديمقراطية ودولة القانون… عليه مواجهة إخفاقاته الخاصة.
الفصل السادس — الغطرسة التشريعية: عندما تفرض أوروبا قوانينها على العالم بأسره
تقدّم أوروبا نفسها كـ"حامية القانون"، و"رائدة التنظيم"، و"ضامنة النظام الدولي". لكن خلف هذا القناع القانوني، تكمن آلة استعمارية حقيقية تسعى إلى فرض معاييرها عالمياً. ما لم تعد قادرة على فرضه بالقوة، تحاول فرضه اليوم باسم القانون.
إمبراطورية القانون… الأوروبية
على مدى العقدين الأخيرين، حوّل الاتحاد الأوروبي التشريعات إلى أداة قوة جيوسياسية:
معايير بيئية
لوائح تجارية
تنظيمات رقمية
معايير صناعية
قوانين تتعلق بالشفافية، حقوق الإنسان، ومكافحة الفساد
ورغم ما تبدو عليه من مبادئ نبيلة، فإن هذه القوانين تخدم أولاً وقبل كل شيء مصالح أوروبا… بإجبار الدول الأخرى على الامتثال لها، أو مواجهة الإقصاء.
"تأثير بروكسل": استعمار ناعم باسم المعايير
الظاهرة معروفة باسم "تأثير بروكسل"، وهو المفهوم الذي صاغته الباحثة أنو برادفورد لوصف كيفية تحول القوانين الأوروبية إلى معايير عالمية، فقط لأن الأسواق لا تريد خسارة الوصول إلى أوروبا.
لكن ما يُقدَّم كنجاح، هو في الحقيقة شكل من أشكال الهيمنة الناعمة:
على دول الجنوب أن تعدّل قوانينها لتتناسب مع المتطلبات الأوروبية.
على الشركات الإفريقية، الآسيوية، واللاتينية استثمار أموال ضخمة للتوافق مع هذه القوانين… أو الخروج من السوق.
الدول ذات السيادة تُجبر على إجراء "إصلاحات هيكلية" تمليها بروكسل، فقط لتحصل على اتفاقيات تجارية.
ازدواجية المعايير: أوروبا تفرض… وترفض التدخل
الاتحاد الأوروبي يسمح لنفسه بـ:
مراقبة الانتخابات في الدول الأخرى… بينما يرفض النقد لانتخاباته "المترهلة".
فرض عقوبات بتهمة الفساد… بينما يتجاهل فضائحه الداخلية (فضيحة قطر، قضية ماكينزي…).
التحدث عن حرية الصحافة… بينما يموّل وسائل إعلام موجهة ويقصي الأصوات المعارضة.
الاتحاد الأوروبي يتحدث عن "العالمية"… لكنه يمارس استثناءً أوروبياً صريحاً.
الابتزاز بالتعاون والاتفاقيات
يستخدم الاتحاد قوته الاقتصادية كأداة ابتزاز سياسي:
في إفريقيا: تُفرض اتفاقيات شراكة اقتصادية مجحفة تفتح الأسواق لصالح أوروبا.
مع دول الجوار الجنوبي: تُشترط المساعدات الإنمائية بالامتثال السياسي والأمني.
في آسيا وأمريكا اللاتينية: تُستخدم "بنود الديمقراطية" لمعاقبة الحكومات غير المنصاعة.
هذا ليس تعاوناً… بل خضوع مشفّر بقوانين.
النتائج على الدول النامية: تبعية وعرقلة
فقدان السيادة التشريعية: تتحول البرلمانات الوطنية إلى مجرد غرف تصديق.
إعاقة الابتكار المحلي: المعايير الأوروبية لا تلائم واقع الدول النامية.
تفاقم الفوارق الاقتصادية: الشركات الصغيرة في الجنوب لا تستطيع مجاراة معايير أوروبا المكلفة.
تعزيز النخب الفاسدة: غالباً ما تتفاوض أوروبا مع حكومات ضعيفة أو فاسدة، مما يضعف المجتمع المدني الحقيقي.
استعمار قانوني مقنّع
في القرن الحادي والعشرين، لم تعد الأسلحة الوسيلة الوحيدة للهيمنة. القوانين، الاتفاقيات، والبنود القانونية… أصبحت أدوات الغزو الجديد.
لم يعد المدفع يفرض النظام الغربي… بل العقد. وغالباً ما يُكتب هذا العقد بلغة واحدة: لغة بروكسل.
منظمة OMSAC تحذّر:
هذا النموذج من الهيمنة التشريعية لم يعد مقبولاً.العالم متعدد الأقطاب الناشئ لا يحق لأوروبا فرض قوانينها عليه… خاصة وهي نفسها ترفض أن تُحاسب.العالمية في الحقوق لا تعني فرض النموذج الأوروبي.
خلاصة الفصل:
يحق لأوروبا أن تقدّم معاييرها…لكن لم يعد مقبولاً أن تفرضها.
الفصل السابع — اتحاد تحت الوصاية: الناتو، واشنطن، وحروب الآخرين
رغم خطابه الرسمي عن "الاستقلال الاستراتيجي"، لا يزال الاتحاد الأوروبي مرتبطاً بشكل وثيق بالمصالح الجيوسياسية للولايات المتحدة، وغالباً على حساب شعوبه، وسيادته الجماعية، ومصداقيته الدولية.
سيادة أوروبية وهمية
منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، ظلّت أوروبا الغربية معتمدة عسكرياً على الولايات المتحدة من خلال حلف شمال الأطلسي (الناتو). ورغم الحديث المتكرر عن "الاستقلال الاستراتيجي"، تبقى القرارات الأمنية الكبرى تُتخذ في واشنطن.
الاتحاد الأوروبي يساند الحروب التي يقررها الناتو دون استشارة ديمقراطية حقيقية.
يفرض العقوبات الاقتصادية التي تُصاغ أولاً في البيت الأبيض.
يتبع سياسات التوسع والحصار التي تمليها المصالح الأمريكية.
فيما يخص الأمن والدفاع، يتصرف الاتحاد الأوروبي في كثير من الأحيان كصدى لقرارات الولايات المتحدة.
الحالة الأوكرانية: أوروبا ضد أوروبا
أظهرت الحرب في أوكرانيا بوضوح حدود السيادة الأوروبية:
تبنى الاتحاد الأوروبي أقسى العقوبات في تاريخه تحت الضغط الأمريكي.
عانت الشعوب الأوروبية من ارتفاع فواتير الطاقة، وتدهور الاقتصاد، في حين تضاعفت أرباح شركات الطاقة الأمريكية.
تحوّلت أوروبا الشرقية إلى منطقة صراع، ضُحّي بها على مذبح سياسة تطويق روسيا التي تتبناها واشنطن.
هذه ليست حرباً من أجل الديمقراطية… بل حرب جيواستراتيجية يدفع الأوروبيون ثمنها غالياً من أجل مصالح لا تعنيهم.
الناتو: أداة أمريكية وليست أوروبية
يُقدَّم الناتو كتحالف دفاعي مشترك، لكنه في الواقع:
منظمة تخضع للهيمنة السياسية والعسكرية الأمريكية.
عقبة أمام بناء دفاع أوروبي مستقل.
مصدر دائم للصراعات بسياسة توسعه حتى على حدود الدول غير المنضوية تحت لوائه.
الولايات المتحدة تقرر، الناتو ينفذ، وأوروبا تتحمل النتائج.
الحروب في الشرق الأوسط: صمت متواطئ وتبعية
شارك الاتحاد الأوروبي، أو غض الطرف عن:
غزو العراق (دون تفويض من الأمم المتحدة).
التدخل في ليبيا (الذي تسبب بكارثة إنسانية وهجرة جماعية).
دعم غير مباشر لجماعات مسلحة في سوريا.
الصمت تجاه جرائم الحرب في فلسطين، غزة، واليمن…
أين هي القيم الأوروبية عندما تسقط القنابل على أطفال غزة؟الاتحاد الأوروبي إما يصمت… أو يتواطأ. ولا يجرؤ على معارضة حلفائه حتى عندما تُنتهك القوانين الدولية بشكل صارخ.
فخ القوة الناعمة: مراكز الدراسات والخطاب الموجّه
العديد من مراكز الأبحاث، والمنظمات غير الحكومية، ووسائل الإعلام الأوروبية العاملة في مجال الأمن:
مموّلة من مؤسسات أمريكية.
يديرها مسؤولون سابقون في الناتو أو وزارة الخارجية الأمريكية.
تنقل خطاباً يتطابق مع الخطاب الرسمي لواشنطن.
التفكير الاستراتيجي الأوروبي أصبح مستعمراً فكرياً.
تحذير الـ OMSAC:
إذا أراد الاتحاد الأوروبي البقاء ككيان سياسي وأخلاقي، فعليه أن يتحرر من التبعية الجيوسياسية. ويجب أن يتوقف عن لعب دور وكيل حروب الآخرين.
ما نقترحه:
استقلال استراتيجي أوروبي حقيقي، بعيد عن الأجندات الأمريكية.
سياسة خارجية مبنية على الحوار المتعدد الأطراف، لا على منطق الأحلاف والصدام.
احترام القانون الدولي في كل مكان، وللجميع، وليس فقط عندما يخدم مصالح الغرب.
خلاصة الفصل:
لن تكون أوروبا قوة سلام طالما تستمر في خدمة حروب ليست حروبها.
الفصل الثامن — من يحكم الاتحاد الأوروبي فعلياً؟ القوة الخفية للوبيات، البنوك، ومكاتب النفوذ
يقدّم الاتحاد الأوروبي نفسه كفضاء ديمقراطي، شفاف، يحترم إرادة الشعوب. لكن الواقع يكشف أن القرارات الأهم تُتخذ — أو تُفرض — من قبل قوى خفية، بعيدة كل البعد عن صناديق الاقتراع وعن إرادة المواطنين.
مؤسسات منفصلة عن الشعوب
يعتمد النظام المؤسسي للاتحاد الأوروبي على ثلاثة أركان:
المفوضية الأوروبية: تحتكر مبادرة التشريع، لكنها غير منتخبة من أي شعب.
مجلس الاتحاد الأوروبي: يضم ممثلي الحكومات، وغالباً ما يخضع لمصالح اقتصادية ضاغطة.
البرلمان الأوروبي: منتخب، لكن صلاحياته محدودة أمام قوة المؤسستين الأخريين.
النتيجة: حكم تكنوقراطي لا يمتلك فيه المواطن أي تأثير فعلي.
بروكسل: عاصمة جماعات الضغط
مع أكثر من 25,000 لوبي مسجّل رسمياً، تعد بروكسل ثاني أكبر عاصمة للضغط السياسي بعد واشنطن. هؤلاء يمثلون:
الشركات المتعددة الجنسيات (الصناعات الدوائية، الزراعة الصناعية، السلاح، الطاقة)؛
البنوك وصناديق الاستثمار؛
شركات البيانات الضخمة والمراقبة الرقمية؛
مكاتب المحاماة والاستشارات الجيوسياسية.
ورغم قوانين الشفافية، تعمل هذه المجموعات خلف الأبواب المغلقة، في أروقة المفوضية والبرلمان.
البنوك والمال: السادة الحقيقيون للأجندة الأوروبية
تمت هندسة منطقة اليورو لطمأنة الأسواق وليس لحماية الشعوب. البنك المركزي الأوروبي، الذي يُفترض أنه مستقل، يخدم بالدرجة الأولى مصالح البنوك الكبرى.
أثناء أزمة الديون اليونانية والأزمة المصرفية في قبرص:
أنقذ الاتحاد الأوروبي الدائنين… وترك الشعوب تدفع الثمن.
فُرضت سياسات التقشف عبر الترويكا (البنك المركزي الأوروبي – صندوق النقد الدولي – المفوضية)، دون تصويت أو نقاش.
الشعوب تدفع… والبنوك تقرر. هذه هي الحقيقة المرة للسلطة في الاتحاد الأوروبي.
مراكز التفكير والمكاتب والخبراء: جيش خفي من صُنّاع القرار
وراء كل إصلاح، معاهدة، أو توجيه نجد:
مكاتب استشارية مثل ماكينزي، المتورطة في عشرات العقود مع الاتحاد الأوروبي؛
مراكز تفكير ممولة من الشركات المتعددة الجنسيات أو قوى أجنبية؛
خبراء ومفوضين سابقين انتقلوا إلى القطاع الخاص ليضغطوا لصالح المصالح التي كانوا مفترضين أن ينظموها.
أصبح تضارب المصالح بنية مؤسساتية. الاتحاد الأوروبي مختطف من شبكات مغلقة، غامضة، قوية، ولا تبالي بإرادة الشعوب.
أمثلة واقعية لهذه الانحرافات:
فضيحة قطر غيت (رشى لنواب أوروبيين للتأثير على التصويت البرلماني)؛
دور لوبيات الغليفوسات في منع حظر هذا المبيد الخطير؛
نفوذ شركات التكنولوجيا الكبرى (GAFA) في مفاوضات تنظيم البيانات الرقمية؛
مكاتب التدقيق التي تحدد استراتيجيات الصحة والطاقة للاتحاد دون أي مساءلة سياسية.
تحذير الـ OMSAC:
الاتحاد الأوروبي ليس مجرد جهاز بيروقراطي؛ إنه فضاء سلطة مختطف من مصالح اقتصادية ومالية.
ما نقترحه:
إصلاح مؤسسي جذري يُعيد الشعوب إلى قلب صناعة القرار؛
حظر صارم لظاهرة الباب الدوّار (الانتقال بين القطاعين العام والخاص) داخل مؤسسات الاتحاد؛
شفافية حقيقية حول تمويلات اللوبيات، أدوارها، وتأثيراتها.
خلاصة الفصل:
لا يمكن الحديث عن ديمقراطية طالما أن القرارات تُتخذ بأيدي من يملكون المال، وليس من يملكون الحاجة إلى العدالة.
الفصل التاسع — الاتحاد الأوروبي وأفريقيا: النهب، الابتزاز، ووهم الشراكة
منذ استقلال الدول الأفريقية، طغت على العلاقات مع الاتحاد الأوروبي خطاباتٌ معسولة يقابلها واقعٌ مقلق. يدّعي الاتحاد الأوروبي أنه "شريك استراتيجي" للقارة، لكن خلف وعود التعاون، يستمر نظام استغلالي حديث يقوم على الهيمنة الاقتصادية، والتبعية المفروضة، والنهب المنظم.
اتفاقيات غير متكافئة... لا عدالة فيها
الاتفاقيات المعروفة بـ"اتفاقيات الشراكة الاقتصادية" (APE)، والتي تُروَّج كأدوات تنموية، أدت عملياً إلى:
فتح الأسواق الأفريقية أمام منتجات أوروبية مدعومة حكومياً؛
تدمير الاقتصادات المحلية؛
تسريع وتيرة تدهور الصناعة في العديد من الدول.
أُجبرت الدول الأفريقية على قبول هذه الاتفاقيات تحت تهديد العقوبات التجارية أو وقف المساعدات، فوجدت نفسها محاصَرة في دوامة الاستيراد والديون والتبعية الهيكلية.
نهبٌ بلا حدود للثروات الأفريقية
ما زالت الشركات الأوروبية تسيطر على جزء كبير من الموارد الطبيعية:
المعادن (الذهب، اليورانيوم، الكولتان، البوكسيت...)؛
الطاقة (النفط، الغاز)؛
الزراعة (القطن، الكاكاو، البن...).
النتيجة: الأرباح تتدفق إلى أوروبا، بينما تبقى الشعوب الأفريقية غارقة في الفقر.
شركات مثل توتال إنرجيز، غلينكور، أريفا، بولوريه بنت إمبراطورياتها على السيطرة اللوجستية واستغلال الموارد، غالباً بتواطؤ مع نخب محلية فاسدة وتحت غطاء الصمت الأوروبي الرسمي.
المساعدات التنموية: أداة للابتزاز والسيطرة
ما يُسمى بـ"المساعدة" الأوروبية لأفريقيا ليست مجانية:
ترتبط بإصلاحات مفروضة من بروكسل أو باريس؛
يستفيد منها المستشارون الأوروبيون أكثر من الشعوب المستهدفة؛
تُستخدم لإبقاء النفوذ الجيوسياسي والعسكري، خاصة في منطقة الساحل.
في الحقيقة، أصبحت المساعدات وسيلة لفرض السياسات النيوليبرالية وإضعاف الدول الوطنية وتهميش السيادة الشعبية.
الشباب الأفريقي في مواجهة أوروبا: الخوف، الرفض، التلاعب
بدلاً من شراكة نزيهة مع الشباب الأفريقي، تفضّل أوروبا:
تشييد الجدران والأسلاك والحواجز وتأشيرات العبور المستحيلة؛
توقيع اتفاقيات هجرة لاإنسانية مع أنظمة مشبوهة لوقف تدفق المهاجرين؛
استغلال الهجرة كأداة ضغط على الحكومات الأفريقية.
تتعامل أوروبا مع أفريقيا كـ"مشكلة يجب احتواؤها" لا كشريك متكافئ.
خطابات منمقة... وواقع استعماري في حين يتحدث القادة الأوروبيون عن "شراكة متكافئة":
تستمر أوروبا في فرض معاييرها وشروطها ونظمها؛
تمارس الكيل بمكيالين، خاصة في النزاعات (أوكرانيا مقابل الكونغو الديمقراطية، فلسطين مقابل مالي)؛
ترفض الاعتراف بمسؤوليتها التاريخية والحالية في أزمات أفريقيا.
تحذير الـ OMSAC:
❌ كفى خداعاً باسم الشراكة المتكافئة؛
❌ كفى نهباً منظماً للثروات الطبيعية؛
❌ كفى تهميشاً للشعوب الأفريقية في قرارات العالم.
تطالب الـ OMSAC بـ:
قطع فوري مع الاتفاقيات الاقتصادية النيوليبرالية ذات الطابع الاستعماري؛
استرجاع السيادة على الموارد الاستراتيجية؛
نموذج جديد للتعاون قائم على المعاملة بالمثل، الاحترام المتبادل، والعدالة.
خاتمة الفصل:
ما دامت أوروبا تعامل أفريقيا كمنجم مفتوح، ومصدر يد عاملة رخيصة، ومشكلة أمنية، فلن يكون هناك لا سلام دائم، ولا شراكة حقيقية.
الفصل العاشر — الاتحاد الأوروبي في مواجهة جرائم إسرائيل والمأساة الفلسطينية: الصمت، التواطؤ، وخطاب مزدوج
رغم أن المبادئ التأسيسية للاتحاد الأوروبي تُشيد باحترام حقوق الإنسان، والعدالة الدولية، والسلام، إلا أن الملف الفلسطيني يكشف عن تناقض عميق ـ يكاد يكون انفصاماً سياسياً ـ في صلب السياسات الأوروبية.
فعلى مدى عقود، لا سيما منذ العدوان الإسرائيلي على غزة (2023–2024)، أصبح الاتحاد الأوروبي شريكاً في الجريمة عبر صمته، ودعمه الاقتصادي والدبلوماسي، وانحيازه السافر للسردية الإسرائيلية، رغم التوثيق الأممي وتقارير منظمات حقوق الإنسان التي فضحت جرائم الحرب المرتكبة.
ازدواجية المعايير الصارخة
عندما تعرضت أوكرانيا لهجوم، تحرك الاتحاد الأوروبي خلال ساعات: فرض عقوبات، ضخ مليارات اليوروهات، طرد دبلوماسيين، عزل موسكو.
أما عندما دُكَّت غزة بالقنابل: دعا الاتحاد إلى "التهدئة"، ووضع الجلاد والضحية في كفة واحدة، وتغنّى بحق "إسرائيل في الأمن" متجاهلاً الحق الأساسي للشعب الفلسطيني في الحياة والكرامة.
هذه الازدواجية تقوض ما تبقى من مصداقية أخلاقية للاتحاد الأوروبي.
جرائم موثقة... متجاهَلة أو مبرَّرة
منذ أكتوبر 2023:
قُتل أكثر من 35 ألف مدني فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال.
دُمرت المدارس، والمستشفيات، والجامعات، والمرافق الحيوية.
استُخدمت المجاعة، والحصار، وقطع الماء والكهرباء كأسلحة حرب.
ومع ذلك:
لم يُعاقب أي مسؤول إسرائيلي من قبل الاتحاد الأوروبي؛
لم تُطالب بروكسل بأي تحقيق دولي جاد رغم مطالبات المحكمة الجنائية الدولية؛
بعض وسائل الإعلام الأوروبية ما زالت تبرر "الضربات الاستباقية"، في انتهاك صارخ للقانون الدولي.
صمت مطبق عن السلاح النووي الإسرائيلي
بينما يشنّ الاتحاد الأوروبي حملات ضد البرنامج النووي الإيراني، ويُغرق المنطقة بالعقوبات والتصريحات العدائية، يغض الطرف عن الترسانة النووية الإسرائيلية غير الخاضعة للرقابة الدولية، في مخالفة صريحة لكل القواعد الدولية.
يتجاهل الاتحاد خطر امتلاك نظامٍ حربيٍ لهذا السلاح، بينما يحارب أي طرف يلوّح باستخدامه كوسيلة ردع.
شراكة اقتصادية ودبلوماسية تُغذي الاحتلال
إسرائيل شريك مميز للاتحاد الأوروبي؛
منتجات المستوطنات غير الشرعية تغزو الأسواق الأوروبية؛
التعاون في مجالات البحث، والابتكار، والأمن مستمر كأن شيئاً لم يكن.
في الواقع، يساهم الاتحاد الأوروبي بشكل غير مباشر في تمويل الاحتلال وإضفاء الشرعية على الاستعمار.
تجريم التضامن مع فلسطين
تُعاقب أو تُضايق منظمات أوروبية لمجرد دعمها للقضية الفلسطينية؛
يتعرض النشطاء للملاحقة والمراقبة والمنع؛
تُقمع أو تُحظر التظاهرات السلمية في عدد من الدول الأوروبية بذريعة "مكافحة معاداة السامية".
أصبح التضامن مع فلسطين جريمة، بينما يُطبَّع مع جرائم الاحتلال الإسرائيلي.
تحذير الـ OMSAC:
❌ كفى ازدواجية في تطبيق القانون الدولي؛
❌ كفى صمتاً شريكاً في مذابح غزة؛
❌ كفى تواطؤاً اقتصادياً ودبلوماسياً مع نظام الفصل العنصري والاستيطان.
الـ OMSAC تطالب بـ:
وقف فوري لكل أشكال التعاون مع إسرائيل ما دامت تواصل انتهاك القانون الدولي؛
دعم كامل لعمل المحكمة الجنائية الدولية في التحقيق بجرائم الحرب في غزة؛
مراجعة شاملة للسياسة الأوروبية في الشرق الأوسط على أساس العدالة وليس الجغرافيا السياسية والخوف.
خلاصة الفصل:
ما دامت أوروبا تدافع عن "الديمقراطية" في أوكرانيا وتغض الطرف عن الإبادة في غزة، ستبقى أسيرة نفاقها التاريخي وتواطئها المفضوح.
الفصل الحادي عشر — العقوبات الانتقائية والعقوبات على المقاس : نفاق الدبلوماسية الأوروبية
قدّمت الاتحاد الأوروبي نفسه باعتباره "المدافع العالمي عن حقوق الإنسان والسلام والديمقراطية"، وجعل من العقوبات الدولية أداة محورية في سياسته الخارجية. لكن التحليل الموضوعي يكشف أن هذه العقوبات ليست عادلة، ولا متسقة، ولا عالمية: بل هي أدوات سياسية، انتقائية، وجائرة.
عقوبات "موجهة"... ولكن على بعض الأنظمة فقط
الأنظمة المستهدفة من العقوبات الأوروبية غالباً ما تكون:
من يرفضون الخضوع للنظام العالمي الغربي؛
أو من يسعون إلى شراكات استراتيجية مع الصين أو روسيا أو إيران.
أمثلة واضحة:
روسيا، إيران، سوريا، فنزويلا، مالي، زيمبابوي.
وفي المقابل:
لا عقوبات على إسرائيل رغم ارتكابها جرائم حرب موثقة ضد الشعب الفلسطيني؛
لا عقوبات على السعودية رغم حربها الوحشية في اليمن؛
لا إدانة لانتهاكات فرنسا في إفريقيا (بوركينا فاسو، النيجر...).
النتيجة: عدالة دولية مزدوجة المعايير حيث تغلب الحسابات الجيوسياسية على القانون الدولي.
ابتزاز العقوبات: أداة للهيمنة الاقتصادية
الاتحاد الأوروبي يستخدم العقوبات كـ:
وسيلة لفرض الشروط التفاوضية (كما في الجزائر، الاتفاق النووي مع إيران)؛
سلاح اقتصادي لمعاقبة من يهدد مصالحه (حظر، تجميد أصول، تعليق اتفاقيات)؛
رسالة سياسية لحلفائه (النيجر، روسيا، فلسطين) لترسيخ نظام عالمي أحادي القطب.
وهذا يؤدي إلى:
أزمات إنسانية خانقة (كما في سوريا، إيران، فنزويلا)؛
تجميد أموال سيادية بشكل تعسفي (مالي، ليبيا)؛
فرض تدابير قانونية خارجية غير شرعية (حظر التعامل مع بعض الدول).
خطاب مزدوج حول الفساد وحقوق الإنسان
بينما يزعم الاتحاد الأوروبي:
أنه يدافع عن الشفافية وسيادة القانون؛
ويكافح الفساد والإفلات من العقاب؛
فهو في الواقع:
يتغاضى عن فضائح الفساد داخل مؤسساته (فضيحة قطرغيت، تلاعب جماعات الضغط، تضارب المصالح)؛
يدعم أنظمة استبدادية بشكل غير معلن (في المغرب العربي، إفريقيا جنوب الصحراء، الخليج)؛
يحمي الشركات الأوروبية المتورطة في نهب الثروات والفساد بإفريقيا وأمريكا اللاتينية.
القاعدة واضحة: الأصدقاء مستثنون، والدول المستقلة معاقبة.
دبلوماسية العقوبات: سياسة عقابية تهدد السلم العالمي
العقوبات الأوروبية:
تؤجج النزاعات بدل حلها؛
تخنق اقتصادات الدول النامية؛
تقوي الأنظمة الاستبدادية بعزلها، بينما تعاقب الشعوب.
وفوق ذلك:
لا تقدم أوروبا بدائل حقيقية؛
ترفض الوساطة والحوار الجاد؛
وتتبنى منطق "من ليس معنا فهو ضدنا"، كما تفعل الولايات المتحدة.
تحذير الـ OMSAC:
❌ كفى استغلالاً سياسياً للعقوبات الأوروبية؛
❌ كفى تسخيراً للقانون الدولي وحقوق الإنسان لمصالح ضيقة؛
❌ كفى ابتزازاً اقتصادياً لشعوب الجنوب.
الـ OMSAC تدعو إلى:
إصلاح جذري لنظام العقوبات الدولية قائم على العدالة والشفافية؛
إنهاء العقوبات الأحادية غير الشرعية التي تعاقب الشعوب لا الأنظمة؛
إنشاء آلية دولية متعددة الأطراف لمراقبة انتهاكات القانون الدولي، بما يشمل الدول الغربية.
خلاصة الفصل:
لا يمكن لأوروبا أن تدّعي العدالة وهي تفرض العقوبات على العالم بأسره بينما تتنصل من أخطائها. الأخلاق لا تُفرض من بروكسل، بل تثبتها الأفعال.
الفصل الثاني عشر — الإعلام، الدعاية والتضليل الأوروبي : صناعة الرأي وحجب الحقائق
في الوقت الذي تدّعي فيه الاتحاد الأوروبي الدفاع عن حرية الصحافة وتعددية الأصوات، يقود ويموّل ويشرعن منظومة إعلامية مغلقة، موجهة لخدمة مصالحه الاستراتيجية. لم تعد هذه المنظومة تسعى لإعلام الشعوب، بل لصناعة رواية رسمية، وتهميش الأصوات المعارضة، وإخفاء الحقائق المزعجة. لقد تحولت "الاتصال" إلى سلاح سياسي واقتصادي بيد النخب الحاكمة التي تريد فرض رؤيتها للعالم.
ماكينة صناعة الرأي العام
الإعلام الأوروبي الرسمي هو:
ممول بسخاء من الحكومات الأوروبية؛
مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالدوائر الدبلوماسية والعسكرية والصناعية؛
منحاز بالكامل لأولويات الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو.
النتيجة: خطاب موحد، تكرار لنفس الروايات والتحليلات مهما اختلفت المواضيع.
أمثلة:
تصنيف الدول الإفريقية ذات السياسات المستقلة بأنها "أنظمة انقلابية"؛
وصم المعارضين للتدخل الغربي بـ"الشعبوية" أو "التطرف"؛
شيطنة أي تعاون مع روسيا أو الصين أو إيران بوصفه "تهديداً".
صمت متواطئ ومعايير مزدوجة
الإعلام الأوروبي لا يتوانى عن التنديد بـ:
انتهاكات حقوق الإنسان… إلا عندما يرتكبها الحلفاء؛
الفساد… إلا عندما يتعلق بشركاتهم متعددة الجنسيات أو بسياسييهم؛
الحروب… إلا عندما تشنها الناتو أو إسرائيل.
في المقابل، يتجاهلون أو يخففون من:
المجازر بحق المدنيين في غزة واليمن؛
نهب الثروات الإفريقية؛
الثورات الشعبية ضد التواجد العسكري الفرنسي.
السيطرة على شبكات التواصل والمنصات البديلة
منذ 2022، عزز الاتحاد الأوروبي رقابته الرقمية عبر:
قانون الخدمات الرقمية (DSA) وقانون الأسواق الرقمية (DMA)؛
تشديد الرقابة على المنصات التي لا تتماشى مع سياساته (X، تيليغرام، آر تي، سبوتنيك)؛
تمويل هيئات "التحقق من الأخبار" التي تروج للرواية الرسمية وتقصي الأصوات المخالفة.
لم تعد الحرب ضد الأخبار الكاذبة، بل ضد الاستقلال الفكري والحقائق المزعجة.
تدخلات إعلامية في دول الجنوب
الاتحاد الأوروبي يمول برامج:
"تكوين الصحفيين" في المغرب العربي، الساحل، وغرب إفريقيا؛
"دعم الإعلام المستقل" الذي يتحول فعلياً إلى أبواق للنفوذ الأوروبي الأطلسي؛
"مراقبة البيئة الإعلامية" لرصد وتحييد الأصوات الناقدة.
الهدف: صناعة نخب إعلامية تدين بالولاء لبروكسل، على حساب السيادة الوطنية والواقع المحلي.
تحذير الـ OMSAC:
❌ احتكار الاتحاد الأوروبي للأيديولوجيا في المجال الإعلامي؛
❌ صناعة الرأي العام عبر التكرار والتهميش والترهيب؛
❌ استخدام الإعلام كأداة للتدخل والسيطرة.
تدعو الـ OMSAC إلى:
استعادة الشعوب لحقها في المعلومة؛
دعم الإعلاميين المستقلين المرتبطين بقضايا شعوبهم والملتزمين بالحقائق؛
إنشاء جبهة عالمية لحماية حرية التعبير المتوازنة، ومناهضة الرقابة المقنعة بالتنظيم.
خلاصة الفصل:
الإعلام الحر هو مقاومة. فضح الأكاذيب هو تحرير للعقول.يجب على الاتحاد الأوروبي أن يتوقف عن الخلط بين حرية الصحافة والدعاية الممنهجة.
الفصل الثالث عشر — الأزمة الأخلاقية والوجودية للاتحاد الأوروبي: نحو نهاية نموذج؟
طوال عقود، قدّم الاتحاد الأوروبي نفسه كـ "نموذج للسلام، والديمقراطية، والتنمية الاقتصادية، واحترام الحقوق". لكن خلف هذه الواجهة الناعمة، تتفاقم أزمة عميقة، متعددة الأوجه، ومنهجية، لم تعد تخفيها الخطب المؤسسية ولا الآليات التقنية. لقد أصبح الاتحاد الأوروبي اليوم قوة متقادمة، منقسمة، متزعزعة، لا بسبب خصومها الخارجيين فقط، بل أساساً بسبب تناقضاتها الذاتية.
هوية ضبابية، رؤية مشوشة
لم يعد الاتحاد الأوروبي يعرف من هو، ولا ماذا يريد أن يكون:
قوة سياسية مستقلة؟ وهو لا يزال خاضعاً لحلف الناتو؛
فضاء اقتصادي متكامل؟ والفجوة بين الشمال والجنوب تتعمق؛
مجتمع قيم ومبادئ؟ وهو يغضّ الطرف عن الانحرافات السلطوية داخل دوله الأعضاء؛
صوت من أجل السلام؟ وهو يشارك في عسكرة الأزمات وتأجيجها دبلوماسياً.
النتيجة: فقدان للبوصلة، ارتباك استراتيجي، وعجز عن إطلاق مشاريع مستقبلية كبرى.
تفكك التضامن الداخلي
الاتحاد الأوروبي تمزقه:
الانقسامات شرق/غرب (المهاجرون، العلاقة مع روسيا، تصاعد القوميات)؛
التوترات شمال/جنوب (التقشف، المديونية، تفاوت النمو)؛
ازدواجية المعاملة بين الأعضاء القدامى والجدد.
أصبحت مبادئ المساواة والتماسك والتضامن مجرد شعارات خاوية، تخفي خلفها هيمنة دول بعينها على القرار الأوروبي.
نموذج اقتصادي يحتضر
النموذج الأوروبي القائم على:
التجارة الحرة؛
التقشف المالي؛
تغول القطاع المالي؛
أصبح عاجزاً عن:
حماية الصناعة؛
وقف موجات نقل الشركات إلى الخارج؛
معالجة البطالة؛
مواجهة التضخم وانفجار الديون؛
الحفاظ على النظام الاجتماعي.
جيل الشباب بات يشعر بالإقصاء من المشروع الأوروبي الذي لم يعد يقدم له أي أفق اقتصادي واقعي.
أزمة الشرعية الديمقراطية
تعاني المؤسسات الأوروبية من:
عجز ديمقراطي هيكلي (القرار في بروكسل، الشفافية ضعيفة)؛
عزوف متزايد من المواطنين (اللامبالاة، فقدان الثقة، صعود اليمين المتطرف)؛
فجوة عميقة بين النخب التقنية والشعوب.
لم يعد المواطن الأوروبي العادي يشعر بتمثيله، بل يرى في الاتحاد الأوروبي نظاماً غامضاً، بعيداً، وغير مبالٍ بمعاناته.
تراجع المصداقية الدولية
أمام التحديات العالمية الكبرى — الحروب، المناخ، العدالة، التكنولوجيا — يبدو الاتحاد الأوروبي:
يتبنى خطاباً أخلاقياً… لكنه قليل الفعل؛
يفضل العقوبات والتدخل بدل الحوار؛
ينحاز دوماً للمواقف الأمريكية، على حساب استقلاله.
صار يُنظر إليه في العالم كقوة متراجعة، أسيرة تناقضاتها، تفقد جاذبيتها يوماً بعد يوم.
تحذير الـ OMSAC:
🟥 دخل الاتحاد الأوروبي مرحلة انحدار أخلاقي، يتسم بالغرور الدبلوماسي، والنفاق السياسي، والجشع الاقتصادي.
🟥 لم يعد من المقبول أن يواصل إعطاء دروس للعالم وهو عاجز عن احترام مبادئه المعلنة.
🟥 عليه الاعتراف بأخطائه، والقيام بمراجعة نقدية، والانفتاح على مرحلة جديدة من التواضع، والاستماع، والتعاون الحقيقي.
تدعو الـ OMSAC إلى:
إنهاء الهيمنة الفكرية الأوروبية على دول الجنوب؛
إطلاق حوار عالمي عادل وصادق، بلا شروط سياسية؛
إعادة تعريف المشروع الأوروبي على أسس قيمية فعلية، تطبق في الميدان، لا في البيانات.
خلاصة الفصل:
عندما ينهار نموذج، هناك خياران:
إما التمادي في الغرور والاستبداد،أو الاعتراف بالأخطاء والانبعاث من جديد في الحقيقة.
الاتحاد الأوروبي اليوم عند مفترق طرق. والخيار بيده.
الفصل الرابع عشر – الخاتمة العامة
« الاتحاد الأوروبي أمام مرآته: ساعة الحقيقة قد دقت »بقلم: إدارة النزاهة والتحقيقات – منظمة الأمن العالمي لمكافحة الفساد والجريمة (OMSAC)
لقد طالما اختبأ الاتحاد الأوروبي خلف مؤسسات قوية، وخطابات دبلوماسية متزنة، وصورة « نموذج عالمي » صنعها بنفسه. ولكن هذه الواجهة بدأت تتصدع.
تحقيقنا الشامل، عبر 13 فصلاً، كشف عن الشقوق، والانحرافات، والأزمات الهيكلية، وانتهاكات السلطة. لقد حان الوقت لنقول بصوت عالٍ ما يتهيب كثيرون من التصريح به: لم يعد بالإمكان للاتحاد الأوروبي أن يستمر في تبوء مكانة المعلّم عندما يعجز عن تجسيد ما يزعم الدفاع عنه.
ما كشفت عنه تحقيقاتنا
✅ أزمة وجودية وهوية ضائعة، تعصف بها الانقسامات الداخلية، والسياسات المتضاربة، وغياب رؤية مشتركة.
✅ انحراف نحو السلطوية، حيث تحل الضغوط محل الدبلوماسية، والتدخل محل التعاون، والمصالح محل القيم.
✅ إدارة نفاقية للأزمات العالمية، خصوصاً في الشرق الأوسط، وأفريقيا، والعلاقات بين الشمال والجنوب، حيث يطبق الاتحاد الأوروبي مبدأ الوزن المزدوج.
✅ منظومة متآكلة بالفساد، وتبييض الأموال، والمحسوبية، والتواطؤ مع لوبيات بلا ضمير.
✅ عجز صارخ عن الاعتراف بالأخطاء، والاستماع إلى الشعوب، واحترام السيادة، والتعامل على قدم المساواة.
رسالة OMSAC إلى الاتحاد الأوروبي
🟥 إلى القادة الأوروبيين: انتهى زمن الغطرسة. لن تستعيدوا مصداقيتكم بفرض المعايير، وتهديد الشركاء، وتجميل إخفاقاتكم.
🟥 إلى المجتمع المدني الأوروبي: الكثير منكم يدافع بإخلاص عن السلام والعدالة وحقوق الإنسان. لكن هذه القيم اليوم تُستغل لأغراض سياسية وجيوستراتيجية. حذركم وتحرككم ضروريان لإنقاذ جوهر المشروع الأوروبي.
🟥 إلى بقية العالم: لا تسمحوا للغة التقنية أو الخطابات الأخلاقية للاتحاد الأوروبي بأن تخيفكم. أنتم تستحقون الاحترام، والمعاملة بالمثل، والكرامة. انتهى زمن الخضوع الأحادي.
نحو توازن عالمي جديد
الاتحاد الأوروبي ليس عدواً لنا. لكن نظامه الحالي يشكل عائقاً أمام عولمة عادلة. المسألة ليست في كيان الاتحاد الأخلاقي، بل في سلوك قادته، وآليات حكمه المظلمة، وادعائه فرض مستقبل الآخرين. نحن ندخل عالماً متعدد الأقطاب، حيث يجب على القوى القديمة أن تتعلم التعامل مع الجديدة، ليس بهامشيتها، بل باحترامها.
النداء النهائي لـ OMSAC
🔴 حان وقت فتح حقبة ما بعد الهيمنة، حيث يقرر الشعوب مستقبلها بنفسها.
🔴 حان وقت قطع روابط الممارسات النيوليبرالية، والعقوبات غير القانونية، والابتزاز السياسي والاقتصادي.
🔴 حان وقت أن يتوقف الاتحاد الأوروبي عن التحدث نيابة عن الآخرين.
🔴 حان وقت الاستماع، والحوار، والتعاون بلا غطرسة، ولا ازدراء، ولا ازدواجية.
في الختام
نحن في OMSAC لا نؤمن بالمواجهة، بل نؤمن بالحق، والعدالة، والذاكرة، والإنصاف. هذا التقرير الكبير هو فعل مقاومة فكرية وأخلاقية. وهو أيضاً دعوة للإصلاح، والصدق، والحكمة.والخيار أمام الاتحاد الأوروبي:إما أن يعيد اختراع نفسه… أو يغرق في ذاته.
جنيف 18 جويلية 2025
لصالح قسم النزاهة والتحقيقات
ب(OMSAC) كليبر شليكر
コメント