أسطول الحرية إلى غزة: عمليات الترحيل السريعة من إسرائيل – إطلاق سراح مشروط تحت تأثير غامض؟
- omsac actualités

- 6 oct.
- 3 min de lecture

أعادت العمليات الأخيرة التي نفّذتها إسرائيل ضدّ المشاركين في «أسطول كسر الحصار عن غزة» فتح ملفّ بالغ الحساسية: آلية الترحيل السريع التي تُطبَّق على النشطاء الموقوفين.فوراء هذا الإجراء الإداري البسيط في ظاهره – توقيع استمارة ثم ترحيل خلال 72 ساعة – تكمن منظومة معقّدة تتداخل فيها الحسابات الأمنية والسياسية بشكل وثيق.
استمارات الترحيل وشروطها الثقيلة
تشير إفادات متطابقة إلى أنّ كل موقوف يُطلب منه توقيع وثيقة رسمية تُعرف باسم «طلب الترحيل الفوري».وبمجرّد التوقيع، يُعتبر الشخص قد دخل إسرائيل بطريقة غير قانونية ويقبل بالترحيل دون محاكمة أو مراجعة قضائية، مقابل الإفراج عنه خلال فترة وجيزة لا تتجاوز عادة 72 ساعة.كما تحتفظ إسرائيل بحقّ فرض منع دخول طويل الأمد قد يصل إلى مئة عام.
تُصاغ هذه الاستمارات بلغة قانونية دقيقة، بحيث تضمن حماية الموقف الإسرائيلي وتُسقط أي اعتراض قانوني لاحق.وفي المقابل، لا يحصل الموقوف إلا على ميزة واحدة: العودة إلى بلده.
إفراج دون توقيع؟ فرضية يصعب تصديقها
انتشرت على وسائل التواصل روايات بعض النشطاء الذين قالوا إنهم أُفرج عنهم دون توقيع أي وثيقة.غير أنّ مثل هذه الرواية تُناقض واقع الإجراءات الإدارية الإسرائيلية المعروفة بصرامتها القانونية والتنظيمية.إذ إنّ الإفراج دون وثيقة رسمية يُفقد العملية أساسها القانوني ويُضعف موقف إسرائيل نفسه أمام القانون الدولي.
وتُرجّح تحليلات إدارة النزاهة والتحقيقات في OMSAC أن بعض المفرج عنهم ينفون التوقيع تجنّباً للشبهات في بلدانهم، خصوصاً تلك التي لا تعترف بإسرائيل أو ترفض أي شكل من أشكال التطبيع معها.
الوجه الخفي للترحيل: أطروحة الاستغلال والتلاعب
تفيد معلومات جمعتها OMSAC بأنّ بعض إجراءات الترحيل قد تتضمّن، صراحةً أو ضمناً، بنوداً أو التزامات بالتعاون الأمني.وفي ظلّ الضغط النفسي والرغبة في الإفراج السريع، قد يُدعى بعض الموقوفين إلى تقديم معلومات أو البقاء على تواصل مع جهات إسرائيلية بعد مغادرتهم.
وإن صحّت هذه الممارسات، فهي تندرج في إطار استراتيجية أمنية تهدف إلى تحويل الموقوف إلى مصدر معلومات.ويبدو أن النشطاء القادمين من دول تُعتبر معادية لإسرائيل هم الأكثر عرضة لمثل هذه الأساليب.
خطر على الأمن الوطني للدول المعنية
إنّ احتمال وجود مثل هذه الالتزامات لا ينبغي الاستهانة به.فالشخص الذي يُفرج عنه بعد توقيعه على تعهدات ظاهرة أو خفية قد يتحوّل، بقصد أو بغير قصد، إلى أداة تأثير أو تجسس غير مباشر.وقد يستغلّ دون أن يدرك لنقل معلومات أو لتغذية حملات تضليل أو اختراق ناعم لمجتمعه.
من هنا، تدعو OMSAC الدول المعنية إلى التعامل بجدّية مع فرضية التلاعب الأمني من خلال:
إخضاع جميع المفرج عنهم لمقابلات أمنية وتحقيقات ميدانية،
تقييم المخاطر على أساس فردي،
تعزيز التعاون مع الهيئات الدولية المختصة في هذا المجال.
الانتهازية السياسية: وجه آخر للرحلة
تجدر الإشارة أيضاً إلى فئة من الانتهازيين السياسيين الذين حرصوا على الانضمام إلى الرحلة رغم علمهم المسبق بأنّ إسرائيل أعلنت بوضوح، قبل انطلاق الأسطول، أنها ستوقف المشاركين وتعتقلهم.هذه الفئة لم يكن هدفها الأساس نصرة سكان غزة أو العمل الإنساني، بل استثمار الحدث لأغراض شخصية أو سياسية.ومن الملاحظ أنّ بعضهم استُقبل عند عودته استقبال الأبطال، رغم أن مشاركته لم تتجاوز حدود الاستعراض الإعلامي والمكاسب الشخصية.
إنّ هذا السلوك يناقض جوهر العمل الحقوقي والإنساني.فمن يناضل حقاً في سبيل حقوق الإنسان والتضامن مع ضحايا الحروب والإبادة يدرك أنّ الأخلاق والنزاهة تقتضيان التواضع والابتعاد عن الأضواء.تحويل القضايا الإنسانية إلى سلّم سياسي أو إعلامي لا يخدم سوى مصالح ضيقة ويُضعف مصداقية الحركات التضامنية.
دعوة إلى اليقظة والشفافية
تدعو OMSAC الحكومات والمنظمات الحقوقية ووسائل الإعلام إلى ممارسة أعلى درجات اليقظة في التعامل مع حالات المفرج عنهم من إسرائيل.ويجب توثيق جميع إجراءات الترحيل، ونشر نماذج الاستمارات الرسمية، وضمان توفير مساعدة قانونية مستقلة لكل موقوف قبل التوقيع على أي وثيقة.
فالشفافية وحدها تضمن حماية الحقوق الأساسية، وتمنع تحوّل عمليات الترحيل إلى أداة للتأثير الأمني والسياسي.
أخر خبر – عدد السويسريين المحتجزين :
في الوقت الذي نقوم فيه بإعداد هذا المقال، ووفقاً لمصادر منظمة الأمن العالمية لمكافحة الفساد والجريمة (OMSAC)، شارك 19 مواطناً سويسرياً في أسطول كسر الحصار. وقد عاد 9 منهم بالفعل إلى سويسرا، بينما لا يزال 10 آخرون رهن الاحتجاز في إسرائيل داخل سجن كتسعوت الواقع في صحراء النقب.
ووفقاً للمعلومات التي تمّ جمعها، فإن استمرار احتجازهم مرتبط برفضهم توقيع وثيقة الإعتراف بدخولهم الغير قانوني إلى المياه الإقليمية الإسرائيلية.
خاتمة
ليست عمليات الترحيل السريع مجرّد إجراء إداري بسيط، بل هي جزء من منظومة أمنية وسياسية مدروسة بدقة.فالإفراج لا يعني بالضرورة انتهاء السيطرة، بل قد يكون بداية شكل آخر منها.
إنّ تجاهل هذه الحقائق يشكّل خطراً استراتيجياً على الدول المعنية.وتؤكد OMSAC أنّ الوعي، والتعاون الدولي، والشفافية تبقى الوسائل الوحيدة لحماية الأمن الوطني ومنع كل أشكال الاستغلال أو الاختراق أو التلاعب.
كارل شليكر
قسم النزاهة والتحريات




Commentaires